القرار 1325، ماذا بعد خطط الجيل الثاني؟!

القرار 1325، ماذا بعد خطط الجيل الثاني؟!

مع صدور خطط الجيل الثاني للعمل بالقرار 1325 عن الائتلافين المشكلين على المستويين الحكومي والأهلي، أجزم أن ما انطبق على الجيل الأول من تقييم وحُكْم على نتائج تطبيق خطة الجيل الأول، مفاده فشل أجندة الأمن والسلام في حماية الفلسطينيات ووقايتهن، سينطبق أيضاً على خطة الجيل الثاني، لأن الخطتين تعملان في ذات البيئة السياسية والاجتماعية الممتدة طولاً وعرضاً تحت الاحتلال، بل ربما ستشهد الخطتان استعصاءات وعقبات إستراتيجية، وأهم من نتائج الخطط ستشهد فلسطين واقعاً أكثر تأزماً وتفاقماً بسبب الاحتلال بما يهدد حياة الشعب ووجوده ومستقبله.
وكان المشهد المستقبلي لانطباق القرار وتجسيده واضحاً منذ البداية، فالمرأة والسلام يسيران في خطين متوازيين لا يلتقيان، الوقائع السياسية تدفع الواقع للتطور باتجاه متعاكس مع الأمن. ولم نكن واهمات على الإطلاق حول ممكنات تطبيق القرار 1325 في فلسطين وقدرته على تحقيق غاياته الواردة في منطوق القرار، والإشكالية ليست في معدلات ومستوى مشاركة المرأة في المفاوضات المحددة في فلسفة القرار الصادر عن مجلس الأمن، وهو الهيئة التنفيذية الأعلى في تراتبية هيئة الأمم المتحدة.
لسنا واهمات، للدرجة التي لوْ شاركت النساء بمعدل 100 بالمائة في القرار، بأن يتحقق السلام العادل في فلسطين. المشكلة ليست بمشاركة المرأة على أهميتها، لأن مسألة السلام في فلسطين المحتلة لا ترتبط بتغييب النساء عنها، فالرجال في فلسطين أيضاً لا يشاركون في صنع قرار السلم والحرب، الجميع مُسْتبعد عن العملية السياسية برمتها.
العملية السياسية يقتصر التداول بشأنها على «واشنطن وتل أبيب»، ولدى وقوع التوافق بينهما تعود لنا النتائج كإملاءات مفروضة، حيث تمسك الولايات المتحدة بالوكالة الحصرية عن الملف الفلسطيني بالتوافق مع الدولة القائمة بالاحتلال «إسرائيل».
القرارات لا تصنع السلام بل تصنعه الإرادة في تطبيق القرارات، والحرية والاستقلال معطوفان على النضال في الميدان ومواجهة الاحتلال والاستيطان تحت راية المقاومة الشعبية الشاملة.
الركيزة السياسية الثانية في الجيل الثاني حسب الأولوية النسوية الفلسطينية، لن يكون مصيرها كمصير الجيل الأول بتركيزها على المشاركة في تحقيق المصالحة، فالأمر يرتبط بالإرادة النسوية الخالصة من الشوائب. التشديد من قبلنا على ألا تلقى المصالحة المصير الذي واجهته خطة الجيل الأول التي لا نقوم بالعمل عليها انطلاقاً من قراءة القرار 1325 الذي يختص بالأزمات وأشكال الصراع المسلح، بل من خلال أولوية استعادة الوحدة الوطنية فلسطينياً، لا بد من عدم السماح بالفشل، وعدم السماح بإدارتها في غرف مغلقة، بل المطلوب التعبئة الفلسطينية العامة بأسسها لنكون قادرين على التدخل لدفعها واستمرارها والوصول للنتائج المتوخاة منها، وعدم العودة إلى المربع الأول.
في الجيل الأول من الخطة بخصوص رأب الصدوع، تميزت تدخلات الائتلاف الأهلي بالاحتشام والتقطع العائد للاستقطاب الحاد الذي صنعه الانقسام.. أما على صعيد خطة اللجنة العليا برئاسة وزيرة المرأة القادمة، فنتوقع لها بعض التعثر بسبب التزامات الوزارة المسقوفة بموقف الحكومة من جانب، وبسبب الحاجة للوقت الكافي لمعالجة ملفاتها الشائكة بعد أربعة عشر عاماً من التحولات والتغيرات والتعقيدات التي صنعها الانقسام، عدا تشكل بنية من المصالح والمنافع تقف خلف استمرار الانقسام.
إن استبعاد باقي الفصائل التي لم تكن طرفاً في صنع الانقسام منذ البدايات، رغم الاستقطاب الذي شهدته الفصائل، كان من الأخطاء التي ينبغي التوقف عندها من أجل تلافي تآكل نتائج اجتماع الأمناء العامين في أيلول الماضي، وكذلك الوقوع في التطبيع مع الحالة الانتظارية للحوارات الثنائية بين حركتي فتح وحماس، سواء من قبل الفصائل وباقي المكونات الوطنية.
ولأن ملف المصالحة من أهم الملفات التي تتموضع على قائمة المهام، فلا بد من رؤية التحديات التي تواجه بناء الوحدة الداخلية، بما هي حالة التعبئة الشعبية بأهدافها، والتفاعل العام مع الحوارات ضمن وجهة قصدية نحو صدقيتها ومتانتها.
بعد اجتماع الأمناء في أيلول الماضي، توفرت الفرصة وما زالت قائمة أمام المشاركة النسوية وغير النسوية، أولاً: لجهة مشاركة النساء في الحوارات الدائرة لطرح الموقف النسوي لملفات المصالحة كشريك وليس كتابع أو صدى، وثانياً، نظراً للقيمة المضافة لمشاركة المرأة ورؤيتها التي لا تحصر الانقسام بالخلاف بالسياسي، بينما في الحقيقة يحتل الخلاف الاجتماعي والفكري موقعه ضمن الملفات التي ينبغي طرحها على طاولة الحوار، بدءاً من الذهاب إلى تحديد موقع المرأة ووضعيتها وموقعها في النظام السياسي، ومكانتها في القوانين ومشاركتها في إقرارها.. في هذه الضرورة، نطرح مسألة إعادة تعريف الوحدة الوطنية للذهاب إلى كونها وحدة القوى السياسية والاجتماعية بحضور ممثلي النساء والشباب، على الأقل.
وحديث المصالحة له دائماً بقية.