الدعوة القديمة الجديدة

الدعوة القديمة الجديدة

هل تحسن وضع المرأة، من ناحية الحقوق المدنية والمساواة مع الرجل؟ هل فعلا تم تنمية مفهوم حقوق المرأة في كافة اوساط المجتمعات الإنسانية وبات هناك فهم لطبيعة هذا الحق ودعوة حثيثة لمنحها ودعمها؟ هذه تساؤلات عابرة تنبع مع كل حديث أسمعه عن المرأة وسعيها للمساواة مع الرجل.
وفي الوطن العربي وفي منطقتنا الخليجية على وجه الخصوص، يكتسب الحديث عن المرأة وحقوقها حساسية كبيرة، حيث يلبسها البعض عن قصد وتعمد محاذير وهالات يحذر بها المجتمع من الانسياق للدعوات الغربية التي تحاول تغريب المرأة، ولتحقيق هذه الوسيلة يزج بالدين ويستشهد بالنصوص، بل ويحاول أن يلويها لتحقق هدفه.
في هذه العجالة لست بصدد مناقشة وجاهة هذا الطرح واسبابه، كما لست بصدد تفنيده ومحاولة انكار جدواه وأثره. لكن اريد أن اسلط الضوء على نقطة جديرة بالتمعن لماذا الحديث عن المرأة وحقوقها يتلبسه كل هذا التخوف والتردد لدى كثير من المجتمعات في الخليج؟ بل لماذا الحراك في هذا السياق بطيء وكأنه يسير على استحياء؟
دون شك أن العقلية العربية عند الحديث عن حقوق المرأة يتم استحضار النموذج الغربي، بكافة جزئياته وجوانبه، أو اذا صح التعبير يتم استحضار وضع المرأة الغربية والتدهور الأخلاقي الذي يشاهد ونقرأ عنه، لعل منها ما جاء في تقرير للأمم المتحدة: أن الاتجار في النساء بغرض تشغيلهم في أعمال الدعارة بات جزءا من نشاط العديدمن الجماعات الإجرامية المنظمة العابرة للحدود نظرا لما تحققه هذه التجارة من أرباح طائلة حيث احتلت المركز الثالث عالميا من حيث الأرباح بعدتجارتي المخدرات والسلاح. بل وتتركز وتنشط هذه الجماعات في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية. فضلا عن دول أخرى كثيرة بطبيعة الحال.
أماكاثرين ماكماهون، من مؤسسة جمعية التحالف من أجل القضاء علي العبودية والتجارة المشبوهة‏.‏ ومقرها مدينة لوس انجلوس‏، فقد قالت: “ان المخدرات تباع مرة‏,‏ وتنتهي باستخدامها‏,‏ اما المرأة فإنه يمكن أن تباع اكثر من مرة فالعملية يدخل فيها عدة وسطاء كل يأخذ نصيبه من الصفقة‏”.‏
لكننا جميعا نعلم أن دعوة المرأة للتحرر والمساواة كانت في مجملها دعوة إنسانية نبيلة، وليس ذنب المرأة في أي مكان من هذا العالم الواسع أن يساء استخدام هذا الحق أو أن يحدث انحراف من ضعاف النفوس الموجودين في كل زمان ومكان.
جون ستيورات مل، في كتابه الشهير “استعباد النساء” يبين أن وضع المرأة المتدهور قد نشأ منذ البدايات الأولى للمجتمع البشري ففي فجر التاريخ وجدت المرأة نفسها في حالة عبودية لرجل ما.
إذن الدعوة للمساواة والعدالة والانصاف، التي تنادي وتطالب بها المرأة ليست وليدة اليوم، ولم تكن حكرا على المرأة الغربية أو الشرقية، أو هي حاجة لفئة دون أخرى من النساء، بل هي هم ورسالة وحاجة لكل امرأة ويجب تضافر جميع النساء للقيام بها.